تباطؤ النمو
يستمر عدد سكان العالم في النمو حتى وصل إلى 8 مليارات نسمة ولا يزال هذا العدد آخذ بالازدياد. ولكن بعد انخفاض معدل الخصوبة لنحو نصف قرن، أخذ هذا النمو بالتباطؤ.
ويكمن السبب في تغيُّر عدد سكان العالم إلى جنس الأفراد وحالات الموت.
إذ أن الديناميات الكامنة وراء معدل الخصوبة والوفيات مسألة معقدة للغاية، ولكن إذا كان عدد المواليد يفوق عدد الوفيات، فيزداد عدد السكان نتيجة لذلك.
في حين أن التوازن يتوقف على السياق - بما في ذلك العوامل البيئية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية - حيث يتبع التغيير أنماطاً معيَّنة، تُعرَف باسم التحول الديمغرافي
بدأت عملية التحول هذه مع تحسُّن التغذية والرعاية الصحية والظروف المعيشية والتعليم - وقد أدت زيادة نطاق الخيارات، خاصة للنساء والفتيات - إلى انخفاض معدل وفيات الأطفال، وزيادة في العمر، وانخفاض عدد الولادات لكل امرأة.
،في البداية
أدى انخفاض معدل الوفيات
إلى حدوث نمو كبير في عدد السكان، وبلغ ذروته عند نسبة 2.1% سنوياً في الفترة بين عامي 1962 و1965. وفي الفترة بين عامي 1950 و1987، تضاعف عدد السكان وارتفع من 2.5 مليار إلى 5 مليارات.
لكن مع
انخفاض معدل المو اليد
من جيل إلى جيل، بدأ النمو في التباطؤ. ففي عام 2020، انخفض هذا المعدل إلى أقل من 1% سنوياً لأول مرة منذ خمسينيات القرن الماضي.
معدل النمو السكاني السنوي، 1963
معدل النمو السكاني السنوي، 2022
وعلى مدى العقود القليلة المُقبِلة، سيحافظ الزخم السكاني على معدل نمو سكان العالم. فمعدل النمو السابق - من الأجيال السابقة ذات الخصوبة العالية – يقتضي أنه لدينا أعداد كبيرة ومتزايدة من النساء في سن الإنجاب. ورغم انخفاض عدد الولادات لكل امرأة، سنظل نشهد عدداً من المواليد يفوق عدد الوفيات.
حتى ولو انخفض معدل الخصوبة إلى معدل التعويض (حوالي 2 من المواليد لكل امرأة) ففي جميع البلدان حالياً التي يكون فيها هذا المعدل أعلى من ذلك، سيُولد عدد كافٍ من الأطفال ويستتبع زيادة مضطردة في عدد سكان العالم حتى عام 2060 على الأقل.
ولكن مع استمرار انخفاض معدل الخصوبة - وارتفاع متوسط العمر المتوقع - فإن كبار السن يمثِّلون نسبة متزايدة من عدد سكاننا.
ومع بدء وفاة هذه الأعداد الكبيرة من جيل كبار السن، سيتجاوز عدد الوفيات عدد المواليد. وسيتباطأ معدل النمو السكاني بصورة أكبر، وقد يحقِّق تراجعاً.
ونتوقع أن يبلغ عدد السكان ذروته عند نسبة 10.4 مليارات نسمة في ثمانينيات القرن العشرين، وسيبقى عند هذه النسبة حتى نهاية القرن.
ويُلاحظ أن الأنماط العامة نفسها تنطبق عندما ننظر إلى مختلف المناطق والبلدان والأماكن - على الرغم من وجود عامل ثالث
يلعب دوراً في ذلك،,
وهو الهجرة الدولية.
وحدث التحول الديمغرافي بمعدلات مختلفة في بعض المناطق المختلفة من العالم، ونتج عنه عوامل بيئية واجتماعية واقتصادية وسياسية مختلفة أحدثت خللاً في توازن عدد المواليد والوفيات والهجرة الداخلية والخارجية.
فبعض البلدان تسجِّل نمواً بوتيرة أسرع من المتوسط العالمي، بينما يسجِّل البعض الآخر تباطأً أو حتى تراجعاً. وبين طيات هذا التنوع المذهل، يظل الثابت الوحيد هو التغيُّر.
عدد أقل من الأطفال
وفي حين تتفاوت معدلات الخصوبة بين المناطق والبلدان، تنخفض المعدلات في كل مكان. ففي بعض البلدان، يتقلص عدد السكان.
وانخفض معدل الخصوبة العالمي - أي متوسط عدد الولادات لكل امرأة - لعقود من الزمان. وترتبط الانخفاضات في معدل الخصوبة بعدة عوامل من بينها زيادة الفرص لتعليم الفتيات والنساء والمشاركة في القوى العاملة، وتأخر سن الزواج والإنجاب، وزيادة إمكانية الحصول على وسائل منع الحمل.
ففي عام 1950، بلغ معدل الخصوبة العالمية 5 ولادات لكل امرأة. واعتباراً من عام 2022، سيبلغ هذا المعدل 2.3 ولادة، ومن المتوقع أن ينخفض إلى 2.1 ولادة بحلول عام 2050.
ونظراً لولادة عددٍ أقل من الأطفال نسبياً - في حين أن متوسط العمر المتوقع الأطول يؤدي إلى زيادة عدد السكان في الأعمار الأكبر – إذ أن نسبة الأطفال (الذين تتراوح أعمارهم بين 0 و14 عاماً) من عدد سكان العالم آخذة في الانخفاض.
وعلى الصعيد العالمي، نقترب بمستوى الخصوبة إلى معدل الإحلال، حيث لم يعد عدد السكان يتزايد على المدى الطويل، بل أنه يحتفظ بأعداد متساوية من جيل إلى جيل. ويعتمد هذا المعدل على معدل الوفيات، على مستوى البلدان أو المناطق، وعلى مستوى الهجرة أيضاً. وقياساً إلى معدل متوسط الوفيات المنخفضة، يبلغ معدل الخصوبة للنمو الصفري 2.1 ولادة لكل امرأة تقريباً.
في الواقع، يعيش أكثر من 60% من الأشخاص - إذ ارتفعت النسبة من 40% في عام 1990 - في بلد أو منطقة ينخفض فيها معدل الخصوبة عن معدل التعويض.
وحتى عندما يكون معدل الخصوبة مرتفعاً بما يكفي للحفاظ على النمو الإيجابي - في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وأوقيانوسيا (باستثناء أستراليا ونيوزيلندا) وشمال أفريقيا وجنوب غرب آسيا – فإنه لا يزال يتراجع. وباستثناء أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، من المتوقع أن ينخفض معدل الخصوبة إلى ما دون معدل التعويض في جميع المناطق بحلول نهاية القرن.
عدد الولادات لكل امرأة،
المتوسط العالمي، 1950
عدد الولادات لكل امرأة،
المتوسط العالمي، 2022
وفي بعض البلدان التي يكون فيها معدل الخصوبة منخفضاً، لا يزال عدد السكان يتزايد بسبب
الزخم السكاني.
وهذا ما يحدث في الهند، حيث ستتفوق على الصين في عام 2023 وتصبح أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان، على الرغم من أن معدل الخصوبة أقل من 2.1 ولادة لكل امرأة بالفعل، ولا يزال ينخفض.
وفي بلدان أخرى، يتقلص عدد السكان بعد مرور عقود من انخفاض معدل الخصوبة التي تفاقمت، في بعض الحالات، بسبب ارتفاع مستويات الهجرة. ففي 17 بلداً في أوروبا الشرقية، ساهم كلا العاملين في انخفاض عدد السكان منذ عام 1990.
بالنظر إلى المستقبل، بدأت الكثير من البلدان، خاصة في جنوب أوروبا وشرق آسيا، في الشعور بأن عدد سكانها ينخفض، بما في ذلك الصين التي من المتوقع أن يبدأ عدد سكانها في التناقص في وقت مبكر من عام 2023. ففي الفترة بين عامي 2022 و2050، من المتوقع أن يتقلص عدد سكان في 61 بلداً بنسبة تزيد عن 1%. ومن بين هذه البلدان، قد تشهد بلغاريا ولاتفيا وليتوانيا وصربيا وأوكرانيا انخفاضاً بنسبة 20% أو أكثر.
حياة أطول
يرتفع متوسط العمر المتوقع على مستوى العالم، لكن لا تزال هناك فوارق كبيرة قائمة.
في جميع أنحاء العالم، يعيش الأشخاص لفترات أطول. ففي عام 2019، بلغ متوسط العمر المتوقع عالمياً منذ الولادة 72.8 عاماً، محققاً زيادة تبلغ 9 أعوام تقريباً منذ عام 1990، ومن المتوقع أن يرتفع إلى 77.2 عاماً بحلول عام 2050.
ويشير متوسط العمر المتوقع إلى متوسط عدد السنوات التي من المتوقع أن يعيشها شخص ما في عمر معين، بالنظر إلى معدلات الوفيات الإجمالية بين سكانه. وعادةً ما يقاس متوسط العمر عند الولادة و
في عمر 65 عاماً.
ومنذ خمسينيات القرن الماضي ارتفع متوسط العمر المتوقع عند الولادة في جميع المناطق، خاصة مع انخفاض معدلات الوفيات الناجمة عن الأمراض المعدية. وحدثت انتكاسات قابلة للقياس، تتعلق بجائحة الأنفلونزا عام 1957،
وفيروس نقص المناعة البشرية/متلازمة نقص المناعة المكتسبة وكوفيد-19 مؤخراً.
ولكن بصورة عامة، كان الاتجاه العام يهدف نحو انخفاض في معدل الوفيات - بما في ذلك انخفاض معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة - وإطالة العمر، وارتبط هذا الأمر بعدة عوامل تشمل تحسين التغذية والرعاية الصحية والظروف المعيشية.
لكن يختلف مدى تطبيق هذه الظروف اختلافاً كبيراً في جميع أنحاء العالم، سواء بين البلدان وداخلها. وفي حين انخفض معدل الوفيات في جميع المناطق، ما يزال هناك تفاوتات كبيرة.
ففي البلدان منخفضة الدخل، يبلغ متوسط العمر المتوقع عند الولادة حوالي 63 عاماً، أو أقل بحوالي 10 أعوام عن المتوسط العالمي.
وتتسبَّب التفاوتات في معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة إلى حدوث جزءٍ كبيرٍ من الفجوة في التفاوت. ويكون الطفل المولود في بلد منخفضة الدخل أكثر عُرضة للوفاة قبل سن الخامسة من الطفل المولود في بلد مرتفعة الدخل بأكثر من 13 مرة. كما يعكس ارتفاع معدلات الوفيات زيادةً في معدل وفيات الأمهات، وفي بعض البلدان، ينتج عن العنف ووجود نزاع والآثار المستمرة لفيروس نقص المناعة البشرية.
متوسط العمر المتوقع عند الولادة، 1950
متوسط العمر المتوقع عند الولادة، 2019
يمكن أن تصل فجوة التفاوت في العمر المتوقع عند الولادة إلى 33.4 عاماً.
فبينما من المتوقع أن يعيش المولود الجديد في أستراليا أو منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة أو منطقة ماكاو الإدارية الخاصة أو اليابان - حيث تسجِّل هذه المناطق أعلى معدلات - 85 عاماً أو أكثر، من المتوقع أن يعيش المولود الجديد في جمهورية أفريقيا الوسطى أو تشاد أو ليسوتو أو نيجيريا – وهي من البلدان ذات أدنى معدل لمتوسط العمر المتوقع - مدة تقل عن 54 عاماً.
وبالنظر إلى المستقبل، تضيق فجوات التفاوت، حيث يرتفع متوسط العمر المتوقع في الكثير من البلدان التي يكون فيها متوسط العمر المتوقع منخفضاً اليوم، في حين أن الارتفاع في متوسط العمر المتوقع يتباطأ في البلدان ذات معدلات الوفيات المنخفضة اليوم.
ومع ذلك، فإن الفجوات لا تضيق بسرعة كافية. ففي عام 2050، من المتوقع أن يكون متوسط العمر المتوقع عند الولادة في البلدان منخفضة الدخل أقل من المتوسط العالمي بنحو 8.4 أعوام تقريباً. وقد لا يزال الطفل المولود في البلدان ذات أدنى معدل لمتوسط العمر المتوقع يعيش أقل من الطفل المولود في البلدان ذات أعلى معدل لمتوسط العمر المتوقع بنحو 31.8 عاماً.
الناس في حالة تنقل
إن الهجرة الدولية تعيد تشكيل عدد السكان. ففي بعض البلدان التي يكون فيها معدل الخصوبة منخفضاً، تحافظ الهجرة على النمو السكاني، بينما في بلدان أخرى، تؤدي الهجرة إلى تفاقم مشكلة تناقص عدد السكان.
وعلى مستوى المناطق والبلدان والأماكن، تشكِّل الهجرة الدولية عاملاً في تغيُّر عدد السكان، إلى
الخصوبة
و
الوفيات..
ومن الصعب توقع مدى تأثير هذا العامل مقارنة بمدى تأثير العنصرين الآخرين، نتيجة عدم وجود بيانات مكتملة وكون أنماط الهجرة قابلة للتغير بسرعة حسب الأحداث الدائرة في جميع أنحاء العالم.
وفي حين أن ما يقرب من 29 من كل 30 شخصاً يقيمون في مسقط رأسهم، فإن عدد الأشخاص الذين يهاجرون عبر الحدود آخذ في الارتفاع.
ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد أكثر، بما في ذلك، الارتفاع الناجم عن الآثار المتفاقمة لتغيُّر المناخ.
واعتباراً من عام 2020،
عاش ما يُقدَّر بنحو 281
شخص خارج مسقط رأسهم - بزيادة قدرها 128 مليون نسمة عن عام 1990 وثلاثة أضعاف هذه النسبة مقارنة بعام 1970. وكان ثلثا هذه النسبة تقريباً من العمال المهاجرين. واعتباراً من نهاية عام 2021، شمل المهاجرون الدوليون أيضاً
31.7 مليون لاجئ وطالب لجوء..
وفي الفترة بين عامي 2010 و2021، شهدت 40 بلداً ومنطقة تدفقات داخلة صافية العدد لأكثر من 200000 مهاجر لكل منها - وفي 17 بلداً منها، بلغ عدد المهاجرين أكثر من مليون نسمة في كل بلد منها.
عدد الأشخاص الذين يعيشون خارج بلدناهم الأصلية - 128 مليون أكثر مما كان عليه في عام 1990 وثلاثة أضعاف ما كان عليه في عام 1970
في عام 2020، استضافت تركيا أكبر عددٍ من اللاجئين وطالبي اللجوء - حيث وصل إلى ما يقرب من 4 ملايين. واستضافت الأردن 3 ملايين نسمة، ودولة فلسطين 2 مليون نسمة، وكولومبيا 1.8 مليون نسمة. كما استضافت كلٌّ من ألمانيا ولبنان وباكستان والسودان وأوغندا والولايات المتحدة أعداداً كبيرة من اللاجئين وطالبي اللجوء وغيرهم من النازحين.
وشهدت عشرة بلدان أعداداً صافية خرجت منها تجاوزت المليون في أثناء الفترة نفسها. حيث غادر 16.5 مليون نسمة باكستان، بينما غادر 3.5 ملايين نسمة الهند، وغادر 2.9 مليون نسمة بنغلاديش، وغادر 1.6 مليون نسمة نيبال وغادر مليون نسمة سريلانكا. وغادر معظم هؤلاء المهاجرين مواطنهم مؤقتاً بحثاً عن العمل.
بينما تكمن أسباب الهجرة في بعض البلدان الأخرى إلى انعدام الأمن والنزاعات الدائرة. وحتى نهاية عام 2021،
غادر 6.8 ملايين شخص
سوريا كلاجئين، بينما غادر 4.6 ملايين نسمة فنزويلا؛ وغادر 2.7 مليون نسمة أفغانستان؛ وغادر 2.4 مليون نسمة جنوب السودان؛ وغادر 1.2 مليون نسمة ميانمار.
وربما تتعرض أعداد هائلة من الأشخاص إلى النزوح في غضون فترة قصيرة - بين 24 شباط/فبراير و19 تشرين الأول/أكتوبر 2022،
فعلى سبيل المثال، فر ما يُقدَّر بنحو 7.7
ملايين شخص من أوكرانيا، وعبروا إلى البلدان المجاورة، بما في ذلك بولندا ومولدوفا.
بالنسبة إلى بعض البلدان، تتسبب الهجرة في حدوث فرق جوهري من حيث التغيُّر في عدد السكان - حيث يستمر النمو أو تزداد حدة الانخفاض.
ففي البلدان مرتفعة الدخل، التي شهدت معدلات خصوبة منخفضة لعقود من الزمان، كانت الهجرة عاملاً هامّاً للغاية ساهم في حدوث النمو السكاني بدرجة أكبر من المواليد في خلال الفترة 2000-2020 - وسيصبح الدافع الوحيد للنمو السكاني في العقود المُقبِلة.
في بلدان أخرى، بما في ذلك أوروبا الشرقية، يزداد عدد الأشخاص الذين يغادرون عن عدد الأشخاص القادمين - وإلى جانب انخفاض معدل الخصوبة، يؤدي ارتفاع صافي الهجرة إلى انخفاض عدد السكان.
شيخوخة السكان
مع انخفاض معدلات الخصوبة وارتفاع متوسط العمر المتوقع، يدخل سكان العالم في مرحلة الشيخوخة بسرعة.
بصفتنا سكان العالم، فإننا نتقدم في السن، ويحدث هذا الأمر بشكل أسرع من أي وقت مضى. ففي الفترة بين عامي 1950 و1990، ارتفعت نسبة الأشخاص الذين يبلغون من العمر 65 عاماً فأكثر من حوالي 5% إلى حوالي 6%. واعتباراً من عام 2022، سيبلغ المعدل 10%، ومن المتوقع أن يرتفع إلى 16% بحلول عام 2050.
في عدة بلدان التي استمرت فيها معدلات الخصوبة المرتفعة، يدخل عدد كبير من جيل الأطفال الذين ولدوا في العقود الماضية في مرحلة الشيخوخة الآن. وفي بلدان أخرى، تؤدي التحسينات التدريجية في معدلات البقاء على قيد الحياة عبر عدة أجيال إلى زيادة عدد السكان الأكبر سناً.
يرتفع متوسط العمر المتوقع عالمياً لدى الأشخاص الذين يبلغون 65 عاماً – وهو متوسط عدد السنوات الإضافية التي من المتوقع أن يعيشها الشخص البالغ من العمر 65 عاماً. ويبلغ هذا المعدل الآن 16.3 عاماً، وكان يبلغ 17.5 عاماً قبل أن تصيب جائحة كوفيد-19 السكان الأكبر سناً بصورة غير متكافئة. وبحلول عام 2050، من المتوقع أن يرتفع المتوسط إلى 19.8 عاماً، حيث تنخفض الوفيات الناجمة عن الأمراض غير المعدية ومنها على سبيل المثال أمراض القلب والأوعية الدموية أو مرض السكري.
ونظراً لأن معدل الخصوبة آخذ في الانخفاض في الوقت نفسه الذي يعيش فيه الأشخاص لفترة أطول، يتغير الهيكل العمري للسكان. ففي عام 2018، ولأول مرة على الإطلاق، فاق عدد الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاماً عدد الأطفال دون سن الخامسة.
وبحلول عام 2050، سيكون عدد الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاماً أكثر من ضعف عدد الأطفال دون سن الخامسة، وسيساوي عدد الأطفال دون سن 12 عاماً تقريباً.
عام، المتوسط العالمي للعمر المتوقع عند سن 65، 2022
عام، المتوسط العالمي للعمر المتوقع عند سن 65، 2050
وهناك مناطق مختلفة تعاني من الشيخوخة بمعدلات متفاوتة.
فشهدت أوروبا وأمريكا الشمالية أكبر زيادة في عدد السكان، حيث سجَّلت ما يقرب من 19% من الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاماً، تليها أستراليا ونيوزيلندا بنسبة 16.6%. وبحلول عام 2050، سيبلغ عمر شخص واحد من كل 4 أشخاص في أوروبا وأمريكا الشمالية سن 65 عاماً أو أكثر.
وستشهد جميع المناطق الأخرى ارتفاعاً سريعاً في عدد الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاماً - فعلى سبيل المثال، سيرتفع المعدل من 9% في عام 2022 إلى 19% في عام 2050 في أمريكا اللاتينية، ومن 13% إلى 26% في شرق وجنوب شرق آسيا.
لكن نظراً لأن سكان بعض المناطق لا يزالون في مرحلة الشباب بدرجة نسبية، سيستمر الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاماً في تكوين نسبة أقل بكثير من سكان هذه المناطق - على الرغم من معدل النمو الذي يزيد عن 3% سنوياً بين هذه الفئة العمرية. ففي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وهي منطقة تتميَّز بعددٍ كبيرٍ من السكان الأصغر سناً، من المتوقع أن يرتفع معدل الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاماً من 3% في عام 2022 إلى 5% في عام 2050.
النساء يعشنَّ فترة أطول من الرجال
يولد عدد أكبر من الفتيان مقارنة بالفتيات في جميع أنحاء العالم، لكن النساء يعشن فترة أطول من الرجال في كل مكان تقريباً. وتظهر النتيجة في عدد سكان العالم حيث يفوق عدد الرجال عدد النساء بدرجة طفيفة.
وعلى الصعيد العالمي، يولد ما يقرب من 106 من الفتيان مقابل كل 100 فتاة. وتقع هذه النسبة ضمن النطاق الطبيعي من الناحية البيولوجية التي تبلغ 102-106. (وتشير أي نسبة تزيد عن 106
إلى حدوث اختيارات متحيزة
جنسانياً لجنس المواليد).)
في حين أن الفتيان يولدون بأعدادٍ أكبر، إلا أنهم أكثر عُرضة للوفاة في خلال فترة الرضاعة والطفولة المبكرة مقارنة بالفتيات، وذلك نتيجة الإصابة ببعض الحالات المرضية ومنها على سبيل المثال مضاعفات الولادة والالتهابات. واعتباراً من عام 2020،
قُدِّر معدل وفيات الأطفال دون سن
الخامسة بين الفتيان بنحو 39 حالة وفاة لكل 1000 مولود حي، مقابل 34 بين الفتيات.
106
عدد المواليد من البنين لكل 100 فتاة
في فترة المراهقة والبلوغ، يزداد معدل الوفيات بين الفتيان بنسبة أكبر بسبب بعض العوامل مثل زيادة احتمالية وقوع سلوكيات محفوفة بالمخاطر وضعف جهاز المناعة وزيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية في الأعمار الصغيرة.
ونتيجة لذلك،
تعيش النساء فترة أطول من الرجال في المتوسط.
ولا تقتصر هذه الفجوة في متوسط العمر المتوقع على البشر. بل تنبع من تفاعل معقد بين العوامل البيولوجية (بعضها مرتبط بامتلاك الذكور لكروموسوم X واحد فقط) وعوامل اجتماعية أو سلوكية.
وتبقى ميزة بقاء الإناث على قيد الحياة قائمة على الرغم من الآثار الكبيرة التي تنشأ عن عدم المساواة بين الجنسين على بقاء الفتيات والنساء على قيد الحياة وصحتهن، بما في ذلك زيادة احتمالية حدوث إهمال في أثناء الطفولة نتيجة المعايير الاجتماعية التمييزية المتمثلة في تفضيل البنين، وارتفاع معدلات الفقر والجوع طوال الحياة.
وفي حين أن النساء يعانين معدلات أعلى من المرض بشكل عام، إلا أنهن أكثر عُرضة للبقاء على قيد الحياة.
ومع ذلك، عندما ترتفع معدلات وفيات الأمهات، تقل ميزة البقاء على قيد الحياة هذه.
إن العمر المتوقع للمرأة عند الولادة أطول من عمر الرجل في المتوسط بنحو 5.4 أعوام. وتتراوح الفجوة ما بين 2.9 عام في أستراليا ونيوزيلندا و7 أعوام في أمريكا اللاتينية والكاريبي.
5.4
متوسط عدد السنوات التي تعيش فيها النساء أكثر من الرجال، عالمياً
وبمرور الوقت، حدثت تباينات في الفجوة عبر البلدان والمناطق، حيث تقلصت في أوروبا وأمريكا الشمالية وكذلك في أستراليا ونيوزيلندا، لكنها ازدادت في آسيا. وفي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، شهدت ارتفاعاً إلى أن تسبَّب معدل وفيات الإناث غير المتناسب بسبب فيروس نقص المناعة البشرية/متلازمة نقص المناعة المكتسبة في أواخر تسعينيات القرن الماضي ومنتصف العقد الأول من الألفية الثالثة في خفضها - على الرغم من أنه منذ انتشار جائحة كوفيد-19، فقد ارتفعت الآن بشكل طفيف.
وقياساً إلى متوسط العمر المتوقع للنساء اللائي يبلغن من العمر 65 عاماً، الذي يبلغ 18.8 عاماً مقارنة بـ 15.9 عاماً للرجال، يفوق عدد النساء عدد الرجال في جميع الفئات السكانية الأكبر سناً تقريباً، ويشكِّلون 55.7% من الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاماً على مستوى العالم في عام 2022. وزادت هذه الفجوة بشكل طفيف بسبب ارتفاع معدل الوفيات بسبب الإصابة بفيروس كوفيد-19 بين الرجال، لكن من المتوقع أن تنخفض هذه النسبة بحلول عام 2050 إلى 54.4% من النساء، حيث يتمتع الرجال بصحة أفضل وينخفض معدل الوفيات بينهم.
وبالنسبة لعدد السكان الإجمالي، يفوق عدد الرجال عدد النساء، ولكن بشكل طفيف - 50.3% مقابل 49.7% على التوالي، اعتباراً من عام 2022. وبحلول عام 2050، من المتوقع أن يكون عدد النساء مساويا لعدد الرجال.
جائحتان
خلَّفت جائحة كوفيد-19 تأثيراً ملحوظاً على معدل الوفيات. فبالنسبة للمناطق الأكثر تضرراً من جائحة فيروس نقص المناعة البشرية/متلازمة نقص المناعة المكتسبة، فقد قضت على المكاسب التي تحققت بشق الأنفس في متوسط العمر المتوقع.
وعلى مدى عامين فقط، تركت جائحة كوفيد-19 تأثيراً ملحوظاً بالنسبة لعدد السكان، وخاصة على معدل الوفيات.
ففي عامي 2020 و2021، أدت الجائحة إلى
حدوث حالات وفاة أكثر مما كان متوقعاً بنحو 14.9
مليون بناءً على تقديرات السنوات السابقة. حيث بلغ ثلاثة أضعاف العدد المعلن عنه رسمياً للوفيات الناجمة عن جائحة كوفيد-19، ويشمل هذا العدد الوفيات المرتبطة بالجائحة بشكل غير مباشر، ومنها على سبيل المثال، الوفيات الناجمة عن الحالات الصحية الأخرى - بما في ذلك فيروس نقص المناعة البشرية/متلازمة نقص المناعة المكتسب - التي لم يتمكن الأشخاص من الحصول على العلاج أو الرعاية الوقائية المناسبة لها. وحدثت أكثر من نصف هذه الوفيات في البلدان متوسطة الدخل من الشريحة الدُنيا.
14.9
مليون
الوفيات الزائدة المرتبطة بجائحة كوفيد-19، 2020-2021 - بما في ذلك الوفيات المرتبطة بالجائحة بشكل غير مباشر
وفي الفترة بين عامي 2019 و2021، انخفض متوسط العمر المتوقع عند الولادة بمقدار 1.7 عام على مستوى العالم.
وحدثت أكبر معدلات الانخفاض في وسط وجنوب آسيا (-2.3 عام) وأمريكا اللاتينية والكاريبي (-1.5 عام). ومن بين البلدان، شهدت بوليفيا وبوتسوانا ولبنان والمكسيك وعُمان والاتحاد الروسي انخفاضاً تسببت فيه جائحة كوفيد-19 لأكثر من 4 أعوام.
بينما تُظهر التقديرات أن متوسط العمر المتوقع يقع بالفعل عند مستويات ما قبل جائحة كوفيد-19 في البلدان التي ينتشر فيها اللقاح بشكل مرتفع، يمكن أن يتوقع الأشخاص الذين يعانون من انتشار اللقاح بدرجة منخفضة تأخراً زمنياً يتراوح بين عام إلى 3 أعوام. حيث حصل شخص واحد فقط من كل 4
أشخاص في البلدان منخفضة الدخل على جرعة لقاح واحدة على,
الأقل، مقارنة بـ 3 من كل 4 أشخاص في البلدان مرتفعة الدخل.
أصاب وباء فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) مجموعة سكانية أُصيبَت بالفعل بفيروس نقص المناعة البشرية/متلازمة نقص المناعة المكتسب. واتسمت كلتا الجائحتين بعدم المساواة في الوصول إلى الأدوات والموارد المنقذة للحياة.
وبالنسبة إلى بعض المناطق، حدث تأثيراً تراكمياً كبيراً.
40.1
مليون
الوفيات المرتبطة بمتلازمة نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) 1981
وفي جميع أنحاء العالم، تسبَّبت
متلازمة نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) في قتل أكثر من 40 مليون
شخص منذ عام 1981، أو ما يقرب من نصف المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية. وفي حين ما كانت الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية تمثِّل حكماً بالإعدام في البداية، أدى إدخال العلاج بمضادات الفيروسات القهقرية إلى خفض معدل الوفيات من متلازمة نقص المناعة المكتسبة بنسبة 68%.
لكن في حين
ظهرت هذه العلاجات
المنقذة للحياة في منتصف تسعينيات القرن الماضي، إلا أنها لم تتوفر للأشخاص في البلدان الأفقر - بما في ذلك أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، حيث كانت ضحايا الجائحة كبيرة ولا تزال كذلك - حتى أوائل/منتصف العقد الأول من الألفية الثالثة.
واستغرقت منطقة الجنوب الأفريقي، المنطقة دون الإقليمية الأشد تضرراً، عقدين من التحسينات المحتملة في معدلات البقاء على قيد الحياة بسبب فيروس نقص المناعة البشرية/متلازمة نقص المناعة المكتسبة. ففي الفترة بين عامي 1990 و2005، انخفض متوسط العمر المتوقع عند الولادة من 63.1 عاماً إلى 53.1 عاماً. وبينما عاد المعدل إلى مستواه في عام 1990 بحلول عام 2015 وزاد إلى 65.5 عاماً في عام 2019، فقد تسببت جائحة كوفيد-19 في القضاء على هذه المكاسب، مما أدى إلى انخفاض متوسط العمر المتوقع مرة أخرى إلى 61.8 عاماً اعتباراً من عام 2022.
تحول المراكز السكانية
تختلف معدلات تحقيق النمو من منطقة إلى أخرى، مما يؤدي إلى حدوث تغيير في التوزيع الجغرافي لسكان العالم.
اعتباراً من عام 2022، يعيش أكثر من نصف سكان العالم في آسيا. علماً بأن أكبر منطقتين في العالم من حيث عدد السكان هما شرق وجنوب شرق آسيا، حيث يقطن بهما 2.3 مليار نسمة، بينما يبلغ عدد السكان في وسط وجنوب آسيا 2.1 مليار نسمة.
ويقيم في الهند والصين، اللذان يضم كل منهما أكثر من 1.4 مليار نسمة، معظم السكان في هاتين المنطقتين. ولم تعد الصين تسجِّل نمواً في عدد السكان، وقد يبدأ عدد السكان فيها بالانخفاض في وقت مبكر من عام 2023 - حيث من المقرر أن تتجاوزها الهند، التي لا تزال تسجِّل نمواً بمعدل 0.7% سنوياً، باعتبارها أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان.
وفي شرق وجنوب شرق آسيا، شهد معدل الخصوبة انخفاضاً سريعاً منذ ستينيات القرن الماضي، ووصل إلى معدل التعويض في أوائل تسعينيات القرن الماضي - مما أدى إلى تباطؤ النمو في المنطقة إلى 0.2% فقط سنوياً اعتباراً من عام 2022. ومن المتوقع أن يصل عدد سكان هاتين المنطقتين إلى الذروة بحلول منتصف العقد الثالث من الألفية الثالثة، بنسبة 2.4 مليار شخص تقريباً.
وفي وسط وجنوب آسيا، انخفض معدل الخصوبة بشكل أبطأ، حيث يزداد عدد السكان بمعدل 0.9% سنوياً. ومن المتوقع أن يصل عدد السكان في المنطقة إلى أعلى معدل في العالم بحلول عام 2037، وأن يستمر هذا النمو حتى يصل إلى ذروته عند حوالي 2.7 مليار تقريباً في عام 2072.
معدل النمو السكاني السنوي في شرق وجنوب شرق آسيا، المنطقة الأكثر اكتظاظاً بالسكان اعتباراً من عام 2022
وفي الوقت نفسه، كانت أفريقيا جنوب الصحراء هي المنطقة الأسرع نمواً منذ ثمانينيات القرن الماضي. حيث بلغ معدل نموها ذروته بنسبة 3% سنوياً في عام 1978، وانخفض بشكل طفيف منذ ذلك الحين إلى 2.5% في عام 2022 - ولا يزال يشكِّل ما يقرب من ثلاثة أضعاف المتوسط العالمي الحالي البالغ 0.8%.
ومن المتوقع أن يتضاعف عدد سكان منطقة أفريقيا جنوب الصحراء في الفترة بين عامي 2022 و2050 تقريباً - وتمثِّل هذه النسبة أكثر من نصف النمو السكاني العالمي في تلك الفترة، وتصل إلى أكثر من 2 مليار بحلول أواخر العقد الرابع من الألفية الثالثة.
وبحلول أواخر العقد السادس من الألفية الثالثة، من المتوقع أن تصبح أفريقيا جنوب الصحراء أكثر المناطق اكتظاظاً بالسكان، ويمكن أن يصل عدد سكانها إلى 3.44 ملياراً بحلول عام 2100.
معدل النمو السكاني اعتباراً من عام 2022 في إفريقيا جنوب الصحراء، المنطقة الأسرع نمواً - من المقرر أن تكون الأكثر اكتظاظاً بالسكان بحلول عام 2060
وسيبلغ المعدل في أمريكا اللاتينية والكاريبي، الذي تضاعف حجمه أربع مرات في الفترة بين عامي 1950 و2022 وتشهد حالياً نمواً بنسبة 0.7% سنوياً، ذروته في عام 2056 تقريباً، ثم يبدأ في الانخفاض، على الرغم من أن نسبة هذه المنطقة من سكان العالم ستنخفض بشكل طفيف نسبياً.
وسيستمر عدد سكان شمال أفريقيا وغرب آسيا وأوقيانوسيا وأستراليا ونيوزيلندا في النمو حتى نهاية القرن، مما يؤدي إلى حدوث زيادة طفيفة في عدد السكان لديهم مقارنة بعدد سكان العالم أو استبقائها كما هي عليه من حال.
سجَّلت أوروبا وأمريكا الشمالية، اللتان كانتا تشكِّلان أكثر من ربع سكان العالم في عام 1960، نمواً بمعدل أقل من 1% سنوياً منذ منتصف ستينيات القرن الماضي، وتقترب الآن من تحقيق النمو الصفري.
واعتباراً من عام 2022، سيكون عدد سكان هاتين المنطقتين البالغ 1.14 مليار نسمة نفس عدد سكان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وكذلك سيبلغ عدد سكانها مقارنةً بعدد سكان العالم عند حوالي 14%. لكن التوقعات تشير إلى أن عدد السكان في أوروبا وأمريكا الشمالية سيبدأ في الانخفاض بحلول عام 2038، مع انخفاض نسبة عدد السكان في هاتين المنطقتين إلى حوالي 11% بحلول عام 2058.