أخبار
أبطال وسط الأزمات – 8 قصص عن الصمود والأمل من عام 2023
- 21 ديسمبر 2023
أخبار
الأمم المتحدة، نيويورك – من الجفاف إلى الفيضانات والنزوح والصراعات - بدا أن حلقة اليأس في عام 2023 غير قابلة للتوقف. ومع ذلك، في أزمة تلو الأخرى، روايات البطولة والإيثار لم تتوقف أيضًا. مع اقتراب عام 2023 من نهايته، ينظر صندوق الأمم المتحدة للسكان، وكالة الأمم المتحدة المعنية بالصحة الجنسية والإنجابية، إلى حفنة من أشخاصٍ ألهمونا وساعدونا على الصمود في عامٍ صعب.
قابلات ينقذن حياة
في بنغلاديش، كانت القابلة الحامل خديجة* بحاجة إلى المساعدة العاجلة. أدت الفيضانات الغزيرة في أكبر مخيم للاجئين في العالم إلى عدم تمكن القابلة المدربة من الوصول إليها، وأجبرت الفيضانات أقرب المراكز الصحية على الإغلاق. في حالات الأزمات، قد يؤدي الحمل والولادة في كثير من الأحيان إلى الوفاة، حيث يكون الوصول إلى الرعاية الصحية والمأوى والغذاء والماء مقيدًا بشدة.
في نهاية المطاف، تم تأمين سيارة إسعاف لنقل خديجة إلى مستشفى ميداني يدعمه صندوق الأمم المتحدة للسكان – حيث تعمل أيضًا – ووجد الموظفون أن ضغط دمها قد ارتفع بشكل خطير. بعد وقت قصير من ولادة طفل سليم، بدأت خديجة تنزف بغزارة؛ وبدون تدخل زميلاتها القابلات، كان من الممكن انتهاء الوضع بمرض خطير أو بالموت. قالت القابلة نسرين خاتون: "أمسكت خديجة بيدي وشكرتني من كل قلبها. مثل هذه اللحظات هو ما يلهمني فيما يتعلق بمهنتي".
بالنسبة لحنيفة في أفغانستان، بدأت الانقباضات في خضم الفوضى التي أعقبت الزلزال. بينما كانت تتجمد وتحتمي في خيمة، حيثُ قد تحول منزلها إلى ركام، تساءلت حنيفة: "كيف يمكن لأم أن تضع طفلها في هذه الفوضى؟" الولادة أثناء النزوح قد تكون خطيرة - بل وأكثر من ذلك، ففي أعماق الكوارث الطبيعية، تُجبر النساء الحوامل على ترك منازلهن، ويصبحن عرضة للعنف وسوء التغذية والمرض، وغالبًا ما يجبرن على الولادة دون أي دعم للرعاية الصحية. قالت حنيفة لصندوق الأمم المتحدة للسكان: "لكن حينها وصلت رهنا، القابلة، مثل الملاك". أرشدتها رهنا أثناء المخاض وساعدتها في ولادة طفلها بأمان. قالت حنيفة: "كان كلامها بمثابة بلسم مهدئ لمخاوفي. لقد انتقلت من الذعر إلى الراحة في لحظات".
ستكون تجربة حنيفة مألوفة بالنسبة لماريا، القابلة في جبال الأطلس بالمغرب.
كانت ماريا في وردية عملها في أحد مراكز صحة الأمومة عندما وقع زلزال قوي في أوائل أيلول/سبتمبر. قالت لصندوق الأمم المتحدة للسكان: "كنت عالقة تحت الأنقاض، واعتقدت أنني سأموت. كانت تلك الليلة صعبة، ولكن فور أن ساعدني زملائي في الخروج من تحت الأنقاض، تمكنا جميعًا من تقديم المساعدة وإنقاذ الأرواح". وبينما كانت تقوم بتنسيق عمليات الإجلاء بالطائرات المروحية لجميع النساء الحوامل تقريبًا في المنطقة المتضررة، تأكدت من حصولهن على الرعاية العاجلة التي يحتجن إليها. في لحظاتٍ مختلفة، حملت ماريا بين يديها حيواتٍ متعددة: دخلت امرأتان في المخاض وسط الأزمة، مما دفع ماريا إلى جمع الأدوية التي تم انتشالها من حطام المركز الصحي ومساعدتهما في ولادة أطفالهما بأمان، وقد ولدت إحداهما توأم سليم.
أبطال الصحة في مناطق النزاع
في حالات النزاع، غالبًا ما يكون الوصول إلى مرفق صحي عامل أمرًا محفوفًا بالمخاطر، لكل من المرضى والموظفين. وفي خضم الحرب الكارثية في السودان، تشكل المستشفيات والمراكز الصحية المتبقية في البلاد شريان حياة للنساء الحوامل والأمهات الجدد.
وفي الوقت نفسه، عندما تُقوَّض إمكانية الوصول، تقوم القابلات المجتمعيات والقابلات الماهرات، من تم تدريب العديد منهن من قبل صندوق الأمم المتحدة للسكان، بدعم النساء للولادة في أمان في منازلهن. قالت إنصاف، وهي قابلة تعمل حاليًا في العاصمة السودانية الخرطوم: "نعمل طوال اليوم، كل يوم، في ثلاثة مستشفيات. نذهب إلى منازل النساء والفتيات ممن ليس لديهن وسيلة نقل، للتأكد من إتمام ولادتهن بأمان".
في العديد من الأزمات المعقدة، مثل تلك التي تجتاح جمهورية الكونغو الديمقراطية، تقوم القابلات بما هو أكثر من مجرد دعم ولادة الأطفال. بعد اغتصاب امرأة وابنتها أثناء جمعهما الحطب بالقرب من مخيم لمن نزحوا نتيجة النزاع المستشري في جميع أنحاء البلاد، قامت القابلتان سيفا نديزي وفيلومين سياوسوا كاسويرا بمواساتهما ومعالجتهما في عيادة صحية متنقلة تابعة لصندوق الأمم المتحدة للسكان.
كما أرشدوا النساء إلى مكان آمن يقدم الخدمات الصحية والملجأ. وبفضل دعم وتوجيه القابلات، تتعلم النساء الآن صبغ الأقمشة، كجزء من دورة تدريبية حول مهارات كسب العيش لمساعدة الناجيات من العنف القائم على النوع الاجتماعي على إعادة بناء الثقة وكسب الدخل. هذا العام، في جمهورية الكونغو الديمقراطية، أكثر من مليون امرأة يداهمهن خطر الاعتداء المبني على النوع الاجتماعي، وخاصةً العنف الجنسي.
قالت السيدة نديزي لصندوق الأمم المتحدة للسكان: "باعتباري نازحة داخلياً وقابلة، فإن العمل في العيادة المتنقلة يعني أنه بإمكاني الاستمرار في ممارسة مهنتي ومساعدة هؤلاء النساء".
أبطال في خضم كارثة المناخ
لا تواجه النساء والفتيات فقدان الحماية والخدمات الصحية في الصراع فقط. في وقت سابق من هذا العام، عندما اجتاحت الفيضانات مناطق شمال غرب بيرو، بعد إعصار ياكو، شعرت الناجيات من العنف القائم على النوع الاجتماعي بقلق شديد من عدم قدرتهن على الوصول إلى المساحات الآمنة التي كانت توفر لهم المأوى والدعم.
أوضحت القائدة المجتمعية، ماريا مرسيدس ألبان تابوادا، أن أقل من ثلث النساء يتوجهن بقضاياهن إلى السلطات. وقالت: "لا يتواجد معهن أحد ليقدم لهن الدعم واليقين بأنهن لسن وحدهن". وبالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان، توفر السيدة ألبان للنساء والفتيات المعرضات للعنف ملجأ وإمكانية الوصول إلى الخدمات الأساسية. ويُقَدَم لهن الدعم من قبل أخصائيين قانونيين ونفسيين واجتماعيين، وتُوَّفَر لهن حقائب الكرامة للمساعدة في تلبية احتياجات النظافة اليومية. قالت السيدة ألبان إنها مصممة على كسر دائرة التحرش والعداء التي يرتكبها المعتدون: "لن أتوقف أبدًا عن دعم من يطلبن مساعدتي في القضاء على العنف من حياتهن".
إن كابوس الأزمات وتداعياتها الوحشية قد يترك ندوبًا جسدية ونفسية عميقة لدى الناجين منها. بعد انهيار سدين واجتياح المياه لمدينة درنة، الواقعة على الساحل الشمالي الشرقي لليبيا، قُتل الآلاف وأصبحت أحياء بأكملها بلا مأوى. قالت الدكتورة نهال أنور، طبيبة أمراض النساء البالغة من العمر 29 عامًا، التي كانت تعمل في وردية ليلية في مستشفى الولادة بالمدينة عندما وقعت الكارثة: "كان المستشفى مكتظاً بحالات الطوارئ والجثث". وأضافت: "حتى من نجوا كانوا في حالة حرجة، وكان بعضهم يعاني من رؤى حية عن كونهم محاصرين تحت الفيضانات".
بعد العمل طوال الليل، غادرت الدكتورة أنور المستشفى في صباح اليوم التالي، بحثًا عن والدتها. وعلى الرغم من فقدان العديد من أفراد الأسرة والزملاء، ومع الحزن والإرهاق، عادت إلى المستشفى كل يوم في أعقاب ذلك. وقالت: "لم أرغب في البقاء بالمنزل والشعور بالعجز. من الصعب تخيل كيف يمكننا إعادة بناء المدينة وترميمها بعد هذه الأحداث المدمرة. حتى لو أعيد بناء المدينة ماديًا، فإن الجروح العاطفية والنفسية سوف تستغرق وقتًا للشفاء".
مدافعات عن النساء والفتيات
قد يؤدي كل من التهديد بالعنف، وواقع الصراع، وكارثة تغير المناخ إلى تدمير أحلام وإمكانات النساء والفتيات اللاتي يخُضن هذه الأوضاع. بعد هروبها من الصراع في قريتها في إثيوبيا، وهروبها من شخصٍ كان ينوي الزواج منها عندما كانت في الرابعة عشرة من عمرها فقط ثم عكف على مطاردتها، علمت السيدة ألمتسيهاي بوجود منزل آمن يدعمه صندوق الأمم المتحدة للسكان، ويوفر المأوى والرعاية لمثيلاتها من الناجيات. قالت: "شعرت بالارتياح للانضمام إلى مكان به بيئة داعمة وبه خدمات مشورة وموارد أخرى لمساعدتي على الشعور بالأمان والمضي قدمًا".
يستطيع المنزل الآمن إيواء ما يصل إلى 100 امرأة وفتاة، جميعهن ناجيات من الاغتصاب أو عنف الشريك الحميم، أو هاربات من الزواج القسري. هذه المنازل الآمنة توفر للناجيات، ليس فقط المنزل والغذاء، بل توفر لهن أيضًا إمكانية الوصول إلى التعليم والعلاج الطبي والعلاج النفسي والتدريب على المهارات المهنية لإعادة بناء حياتهم. وبعد أربع سنوات في المركز، قالت السيدة ألمتسيهاي: "أريد الالتحاق بالجامعة ودراسة العمل الاجتماعي، حتى أتمكن من تمكين النساء والفتيات ودعمهن في عيش حياة آمنة ومرضية".
وفي معرض حديثها عن الأبطال في جميع أنحاء العالم، الذين يعملون بثبات على الخطوط الأمامية للكوارث، قالت الدكتورة ناتاليا كانيم، المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان: "تذكرنا مثابرتهم وعزيمتهم بأن الإمكانيات البشرية لن تفقد ضيائها الساطع، حتى في أحلك الظروف".