بيان

تحقيق مبدأ الشمول للجميع حتى لا يُترك أحد خلف الركب

01 يوليو 2024

اليوم العالمي للسكان (11 تموز/يوليو): بيان صادر عن الدكتورة نتاليا كانيم، المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان

لا يتحقّق تقدّم الإنسانية إلا بشمول جميع البشر بتنوع هوياتهم في كل مكان في العالم. وفي هذا الإطار، يجب أن يبذلَ العالمُ المزيد من الجهود الحثيثة من أجل ترسيخ الشمول بُغية القضاء على أوجه انعدام المساواة، وتحقيق سُبُل السلام وتعزيز الرخاء والازدهار، وفتح نوافذ الأمل.

إنّ الإهمال والإغفال وجهانِ لعملةٍ واحدة حيث ينتج عنهما عدم حصول الفرد على الخدمات، ما يسفر عن حرمان طفلة صغيرة عمرها 10 سنوات من الرعاية الصحية في حالات النزوح التي تحدث أثناء النزاعات، أو يؤدي إلى غياب شبكة أمان لمسنة تعاني من إعاقة عندما تضرب الكوارث المكانَ الذي تقطن به، أو ينتج عنه عدم تسجيل طفل حديث الولادة في الأماكن النائية لتجمعات الشعوب الأصلية.

على مدار ثلاثة عقود، وفي إطار تلبية نداء المؤتمر الدولي للسكان والتنمية الذي انعقد عام 1994، أنجزت المجتمعات في جميع أنحاء العالم خطوات هائلة فيما يتعلّق بتحسين عملية جمع وتحليل واستخدام البيانات السكانية. وتعكس الأرقام السكانية الجديدة، المصنّفة حسب العُمر والعِرق والنوع الاجتماعي وعوامل أخرى، تنوّعَ الهويات داخل مجتمعاتنا. وجدير بالذِكر أنّ حوالي ثلثي البلدان الآن تُدرج أسئلةً حول الإعاقة عند إجراء تعداداتها السكانية.

أسهمت مثل هذه الخطوات المتقدّمة في تحسّن تقديم خدمات الرعاية الصحية إلى جميع الناس في كل أنحاء العالم، وأدّت بالتالي إلى إحراز قفزات ملحوظة على مستوى خدمات الصحة الجنسية والإنجابية، وكذلك القدرة على ممارسة الحقوق والخيارات. فضلاً عن ذلك، تمكّننا التكنولوجيا الحديثة والجديدة من قياس تجارب الناس بشكل أكثر تفصيلاً وفي الوقت المناسب مقارنةً بما سبق.

لا تزال المجتمعات الأكثر تهميشاً ممثلة تمثيلاً ناقصاً في البيانات، ما يؤثر تأثيراً عميقاً على حياة أفرادها ورفاههم. وقد كشفت آخر الأبحاث التي أجراها صندوق الأمم المتحدة للسكان عن أشكالٍ حادّة ومتنامية لأوجه انعدام المساواة داخل البلدان وفيما بينها. وعلى سبيل المثال، إنّ النساء من مجموعات الأقليات العِرقية والإثنية في كثير من الأماكن، يُشكّلنَ فئة تكاد تكون غير ممثّلة في إحصاءات تتبع الوفيات الناجمة عن مضاعفات الحمل أو الولادة. وهذا هو أحد الأسباب الكامنة وراء إغفال الخدمات الصحية والاجتماعية لاحتياجاتهنّ، وبالتالي حدوث حالات كثيرة من الوفاة أثناء الولادة.

إنّ اليوم العالمي للسكان 2024 هو الفرصة التي تلوح في الأفق لطرح الأسئلة حول الأشخاص غير المشمولين، والأسباب وراء ذلك، والتبعات السلبية على الأفراد والمجتمعات، وجهودنا العالمية لعدم ترك أحد يتخلف عن الركب، فضلاً عن كونه فرصةً تتيح لنا جميعاً الالتزام ببذل الجهود حتى تتمكّن أنظمة البيانات من الإلمام الكامل بالتنوع البشري، وبالتالي عدم إغفال أحد وتمكين الجميع من ممارسة حقوقهم الإنسانية وتحقيق إمكاناتهم الكاملة. 

بعد مرور ثلاثين عاماً على انطلاق مؤتمر القاهرة، يسعُنا القول إنّنا حققنا الكثير من الإنجازات ولكن الطريق لا يزال طويلاً. نعم، قد نواجه صعوبات في الوصول إلى الناس، ولكن وصولنا هذا ليس بمستحيل. ومن أجل إعمال حقوق واختيارات المهمشين في مجتمعاتنا، يتعيّن علينا إحصاء عددهم لأنّ كل شخص يستحق أن يكون حاضراً ومشمولاً.. نتمتّع بنسيج بشري قوي، يستند في قوته في نسج الخيوط الأكثر ضعفاً ودمجها بعناية في هذا النسيج. بعبارة أخرى، عندما تكون البيانات وأنظمتنا الأخرى قادرة على خدمة المهمشين، فهذا يعني أنها تعمل لصالح الجميع، ما ينعكس على تسريع وتيرة التقدّم المحرَز لنا جميعاً.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط والمعرفات الأخرى للمساعدة في تحسين تجربتك عبر الإنترنت. باستخدام موقعنا الإلكتروني توافق على ذلك، راجع سياسة ملفات تعريف الارتباط الخاصة بنا.

X