مع احتدام النزاعات المسلحة في جميع أنحاء العالم، يتزايد استخدام العنف الجنسي كسلاح حرب.
تقول المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان، الدكتورة ناتاليا كانيم: "النزاع في تصاعد. نرى الصور في كل مكان. على الإنترنت وفي الأخبار. في بعض الأحيان حتى في مجتمعاتنا. الجنود المسلحون يجرون أمام المباني المحطمة، على طول الشوارع التي يتناثر فيها الحطام وبقايا الحياة البشرية". واستطردت قائلة: "ومع ذلك، نادرًا ما يُرى أحد أبشع أشكال العنف في النزاع - ذلك الذي يُرتكب على أجساد النساء والفتيات".
من ينجون من العنف الجنسي في وقت الحرب - بما في ذلك الاغتصاب والزواج القسري والاستعباد الجنسي - يُترك بهن ندوبًا جسدية وعاطفية دائمة، ويُسلب منهن الصحة والكرامة والسلام والعدالة. غالبًا ما يتم إسكاتهن وفضحهن، لأن المحرمات الاجتماعية، والأنظمة الصحية المحطمة، وانعدام الأمن والخوف يمنعوهم من التماس الدعم أو الحصول عليه. وبذلك تُحبَط مشاركتهم في الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.
غالبًا ما يظل الجناة أحرارًا.
وسط رعب وفوضى الحرب، لا يتم الإبلاغ عن العنف الجنسي في النزاعات على نحوٍ واسع. في حين أن النساء والفتيات هن من يتعرضن للأغلبية الساحقة من هذا النوع من العنف، فقد استُهدِف أيضًا الرجال والأولاد متسقي الهوية الجندرية والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي والعابرين/ات جنسيًا والكويريين وبينيي الجنس. كما يمكن استهداف النساء من بناة السلام والمدافعات عن حقوق الإنسان ومن يساعدن الناجيات من العنف الجنسي.
لكل شخص حق إنساني في الحياة والحرية والأمن الشخصيين. لكن في خضم الصراع، يزيد انهيار النظامين القضائي والصحي من مخاطر "تطبيع" العنف الجنسي وإفلاته من العقاب. يجب إعطاء الأولوية لصحة وحماية النساء والفتيات وغيرهن من الفئات المهمشة.
ساهمت النزاعات الجديدة والممتدة في ارتفاع حاد في عدد الأشخاص الذين بحاجة للمساعدات الإنسانية، حيث يحتاج اليوم أكثر من 347 مليون شخص إلى المساعدة، مع ارتفاع ذلك العدد من 168 مليونًا قبل عامين. تقوض الأزمة المتنامية آفاق السلام والأمن والعدالة.
يجب علينا العمل معًا لوقف العنف الجنسي في حالات النزاع. يتعاون صندوق الأمم المتحدة للسكان مع شركاء متنوعين، بصفته كيانًا رائدًا في الأمم المتحدة، للعمل على وقف العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي، من خلال وضع إطار ممول بالكامل لمنع العنف الجنسي في حالات النزاع والتصدي له. ويشمل ذلك تقديم مجموعة كاملة من خدمات الوقاية والاستجابة المنقذة للحياة، بما في ذلك الإدارة السريرية للاغتصاب.
تقول الدكتورة كانيم: "العنف الجنسي يدمر الأرواح وينتهك حقوق الإنسان. ويجب ألا يتم" تطبيعه" كشيء مقدر له الحدوث، أو كشيء لا يمكن إيقافه. في اليوم العالمي للقضاء على العنف الجنسي في حالات النزاع، ندعو المجتمع العالمي إلى توسيع نطاق العمل والتمويل بشكل كبير للاستجابة لهذه الاحتياجات المتزايدة. تم تلقي 5 في المائة فقط من التمويل المطلوب لوقف العنف القائم على النوع الاجتماعي والتصدي له في حالات الأزمات في عام 2023. يجب أن نعمل معًا لإنهاء هذا الرعب، وألا نسمح له بالتكرار إلى ما لا نهاية".