الولادة على الخطوط الأمامية في أوكرانيا: كيف تتأقلم النساء والعاملون الطبيون تحت ضرب النيران؟

أوديسا، أوكرانيا - مثل العديد ممن ينتظرون مولودًا جديدًا، كان كل من أولكساندرا وأولكسندر تشيبوتار ينتظران بفارغ الصبر ولادة ابنتهما. ومع ذلك، الطريقة التي تم بها ذلك كانت على عكس أي شيء تخيلوه على الإطلاق.

في مدينة أوديسا الساحلية في جنوب أوكرانيا، ذهب الزوجان إلى مستشفى الولادة رقم 5 ــ وهي منشأة معروفة برعاية الأمومة الشاملة والتي اكتسبت شهرة محلية في السابق باعتبارها مكان ولادة التوائم الخمسة. ولكن بعد أن ولدت السيدة تشيبوتار ابنتها مباشرةً، انطلق إنذار غارة جوية فوق المدينة، التي لا تزال هدفًا منتظمًا لهجمات روسيا الصاروخية وللطائرات بدون طيار.

وباستخدام حضانة متنقلة، نقل الفريق الطبي المولودة حديثًا بسرعة، مع والديها المذعورين ومرضى آخرين، إلى ملجأ الاحتماء من القنابل تحت الأرض في المستشفى.

تم تجهيز الحضّانات المتنقلة للحفاظ على مستويات درجات الحرارة والرطوبة ومستويات الأكسجين المثلى، وهي مزودة بجهاز للتهوية الرئوية الصناعية. وتساعد هذه الأجهزة، التي يقدمها صندوق الأمم المتحدة للسكان، وكالة الأمم المتحدة المعنية بالصحة الجنسية والإنجابية، على سد الفجوات في إمدادات وخدمات صحة الأم والأطفال حديثي الولادة، التي تعاني منها مستشفيات أوكرانيا.

التكلفة البشرية

ثَبُت أن بناء مخابئ جديدة تحت الأرض ضروريًا لدعم وحماية النساء الحوامل في أوكرانيا. ومؤخرًا، عزز مستشفى الولادة رقم 5 ملجأ الاحتماء من الغارات الجوية لتوفير الأمن، وكذلك عزز المرافق الطبية اللازمة لضمان استمرار تقديم خدمات الرعاية الصحية دون انقطاع أثناء الهجمات.

كانت راديونوفا أليفتينا فيكتوريفنا تنتظر في المستشفى لإجراء فحص ما قبل الولادة عندما دق ناقوس الخطر. قالت لصندوق الأمم المتحدة للسكان: "نحن بحاجة إلى مساحات آمنة ومجهزة تجهيزًا جيدًا حيث يمكن للنساء مواصلة حملهن بأمان، على الرغم من التهديدات المستمرة".

يعكس الوضع في مستشفيات الولادة في أوديسا أزمة أوسع نطاقًا تؤثر على نظام الرعاية الصحية في أوكرانيا، والذي يحتاج إلى دعم عاجل ومستدام واهتمام عالمي لتحسين ظروف رعاية الأمومة والمواليد الجدد.

ولا تزال البنية التحتية للطاقة في أوديسا - وكذلك في أوكرانيا بأكملها - تتعرض لهجمات متكررة، مما يؤدي إلى اضطرابات كبيرة وزيادة تكاليف الخدمات الأساسية. ومع تلف خطوط الكهرباء ومحطات توليد الطاقة، ارتفعت أسعار الكهرباء والتدفئة، مما أدى لزيادة الضغوط المالية على الأسر التي تتكبد العناء بالفعل. لا تؤثر هذه الهجمات على الظروف المعيشية اليومية فحسب، بل تعيق أيضًا قدرة المستشفيات على توفير رعاية متماسكة حيث يمكن أن تتوقف المعدات والخدمات الطبية الحيوية بشكل غير متوقع.

وفي الأشهر الستة الأولى من العام الجاري، تحققت منظمة الصحة العالمية من 160 هجومًا على مرافق الرعاية الصحية في جميع أنحاء أوكرانيا، مما جعل قدرة النساء الحوامل والأطفال حديثي الولادة على الوصول إلى الخدمات الأساسية ضعيفة أو مُنعدمة.

تفاقم أزمة الرعاية الصحية

كما ترك القصف المستمر آثارًا شديدة على صحة السكان النفسية، بما يشمل النساء الحوامل. فالضغط النفسي يُفاقم من صعوبة الظروف التي تحمل وتلد فيها هؤلاء النساء.

وتتعرض الموارد الحكومية للضغط مع استمرار الصراع، وتضعف أنظمة الخدمات الاجتماعية والصحية الأساسية. ويعمل صندوق الأمم المتحدة للسكان على سد الفجوات الحرجة، لا سيما في مجال الصحة والحقوق الجنسية والإنجابية، من خلال توفير الأدوية واللوازم الدوائية والمعدات الطبية والدعم، وجميعها ضرورات حتى تتمكن النساء في أوديسا من اجتياز الحمل والولادة بأمان.

تم تقديم الدعم لمستشفى الولادة رقم 5 كجزء من أنشطة الاستجابة الإنسانية لصندوق الأمم المتحدة للسكان في أوكرانيا، بدعم مالي من كندا والدنمارك والاتحاد الأوروبي وفرنسا واليابان وجمهورية كوريا وهولندا وإسبانيا.

وأكد الدكتور شباك: "نحن بحاجة إلى أن يرى العالم ما يحدث هنا. إن أمهاتنا وأطفالنا يستحقون ما هو أفضل من ذلك، وسنواصل تقديم هذه الخدمات الأساسية".