تحدي النزاع وزواج الأطفال لمناصرة تعليم وحقوق الفتيات في إثيوبيا

بني شنقول-جومز، إثيوبيا –  قالت السيدة ألمتسيهاي*، التي تبلغ من العمر حاليًا 18 عامًا: "عندما دخلت المنزل الآمن لأول مرة، كنت خائفة للغاية. كنت وحيدة ولم أغادر غرفتي لمدة شهر".

كانت تتذكر أيامها الأولى في منزل آمن يدعمه صندوق الأمم المتحدة للسكان، وكالة الأمم المتحدة المعنية بالصحة الجنسية والإنجابية ويوفر المأوى للناجيات من العنف القائم على النوع الاجتماعي. وأضافت: "الناس هنا مرحبون ولطيفون للغاية، لذلك لم يستغرق الأمر وقتًا طويلاً للتأقلم. الآن أصبحت الشخص الذي يرحب بالوافدين الجدد".

عندما كانت السيدة ألمتسيهاي في الرابعة عشرة من عمرها، كانت من بين عشرات الآلاف من الأشخاص الذين أجبروا على ترك منازلهم في منطقة ميتيكل، في منطقة بني شنقول-جومز شمال غرب إثيوبيا، مع اندلاع قتال طائفي عنيف. قبل النزاع، كان والداها يربيان الماشية ويديران مشروعًا زراعيًا ناجحًا بالقرب من مدينة ماندورا. ولكن عندما هاجمت الجماعات المسلحة قريتهم، هربت الأسرة تاركة وراءها كل ما تملكه.

بالنسبة للسيدة ألمتسيهاي، كان هذا يعني التخلي عن تعليمها أيضًا. ولأنها طالبة ذكية تحتل المرتبة الأولى على فصلها باستمرار، فقد فهمت قيمة التعليم وتكلفة تفويت فرصة الحصول عليه. وأوضحت قائلة: "إذا لم نكن متعلمين، فلن نتمكن من تغيير حياتنا".

العثور على الشجاعة في الشدائد

لجأت الأسرة إلى مخيم تشاجني للنازحين في منطقة أمهرة المجاورة. حاولت السيدة ألمتسيهاي بسرعة الالتحاق بمدرسة محلية، لكنها تركت جميع أوراقها الرسمية وراءها ولم يُسمح لها بالتحويل لهذه المدرسة. ولأنها لم ترغب في قبول هذا الوضع ولم يثنيها القتال الذي مازال محتدماً في مسقط رأسها، تركت عائلتها وعادت لتعيش مع أحد أقاربها لمتابعة دراستها.

ومع ذلك، فإن مسعاها لم يدم طويلاً: إذ كان والداها يصارعان من أجل التأقلم مع وضعهما الهش الجديد، وقبلا عرضًا من رجل ثري كبير السن كان قد وعد بدعم الأسرة ماليًا - مقابل يد السيدة ألمتسيهاي للزواج.

رفضت مذعورة وأصرت على البقاء في المدرسة. رضخ والداها، لكن خطيبها كان أكثر عناداً. اقترب منها أكثر، وتتبعها أثناء ذهابها إلى المدرسة. وخوفًا من أن يحاول اختطافها، هربت لتقيم مع أختها الكبرى في مدينة مجاورة والتحقت بمدرسة أخرى. 

وبعد بضعة أيام ظهر الرجل مرة أخرى، مما ضايقها بشدة حيثُ كانت تحاول مواصلة تعليمها – وطفولتها – في سلام.

في مدرستها الجديدة، حضرت السيدة ألمتسيهاي جلسة توعية عن العنف القائم على النوع الاجتماعي والصحة الجنسية والإنجابية، حيث سمعت عن منزل آمن تديره جمعية موجيجغوا لوكا لتنمية المرأة، وهي منظمة محلية غير حكومية وشريكة لصندوق الأمم المتحدة للسكان. وبعد أن علمت أن المنزل الآمن يوفر المأوى والدعم للناجيات مثلها، شرحت وضعها وحصلت على مساحة للهروب ومواصلة دراستها.

وقالت لصندوق الأمم المتحدة للسكان: "شعرت بالارتياح للانضمام إلى مكان به بيئة داعمة وبه خدمات مشورة وموارد أخرى لمساعدتي على الشعور بالأمان والمضي قدمًا".

من التعافي إلى الازدهار

يستطيع المنزل الآمن إيواء ما يصل إلى 100 امرأة وفتاة، جميعهن ناجيات من الاغتصاب أو إساءة معاملة الشريك الحميم أو هاربات من الزواج القسري. بالإضافة إلى توفير المسكن والغذاء، يقدم المنزل الآمن التعليم والعلاج الطبي والعلاج النفسي والتدريب على المهارات المهنية لمساعدة النساء على إعادة بناء حياتهن.

هذا المنزل الآمن هو واحد من عشرة منازل آمنة يدعمها صندوق الأمم المتحدة للسكان في سبع مناطق، ويتم تمويله من اليابان ويتيح مسارات الإحالة إلى الشرطة والمدعين العامين والمكاتب القانونية، مما يساعد الناجيات على الإبلاغ عن الانتهاكات والسعي لتحقيق العدالة.

وبعد أربع سنوات في المركز، تواصل السيدة ألمتسيهاي تفوقها الأكاديمي، وتحافظ على موقعها على قمة الفصل وفي منطقتها. وقالت لصندوق الأمم المتحدة للسكان: "أريد الالتحاق بجامعة أديس أبابا ودراسة العمل الاجتماعي، حتى أتمكن من تمكين النساء والفتيات ودعمهن في عيش حياة آمنة ومرضية".

*غُيِّرَت الأسماء لدواعي الخصوصية والحماية